تخطى إلى المحتوى

هل الأكبر، حقاً هو الأفضل؟

الكاتب Alexandra Staub ، استاذ مساعد في جامعة بنسلفانيا

قبل أن ابدأ الترجمه أريد توضيح أمرين:

أولا: ما يحاول مناقشته الكاتب في هذا المقال هو مدى تأثير زيادة مساحة المنزل ليس على الساكنين فيه فقط ، ولكن على المجتمع بشكل كامل ومن عدة نواحي.

ثانيا: الكاتب يناقش الحالة الأمريكية وهي قد لا تنطبق على جميع المجتمعات خارج أمريكا بطبيعة الحال.

تواجه الولايات المتحدة أزمة إسكان ليس بسبب نقص المساكن اجمالاً ولكن بسبب أن المساكن الموجودة بأسعار معقولة غير كافية، في حين أن المنازل الفاخرة كثيرة، لذلك لا يزال التشرد مشكلة مستمرة في العديد من مناطق البلاد.

وبالرغم من ذلك، لازالت الثقافة الشعبية تركز غالبًا على السكن كفرصة للتنقل إلى الأعلى: فأصبح الحلم الأمريكي مغلفاً داخل أربعة جدران وسقف.

وقد ساهمت صناعة الإسكان في هذا الاعتقاد لأنها عززت فكرت “العيش بشكل أفضل”. فتم تسويق السعادة على أنها العيش مع مساحة أكبر ووسائل راحة أكثر.

يذكر الكاتب بصفته معمارياً وباحث قد درس كيف تشكلنا المباني وكيف نشكلها نحن، فإن الإسكان يسير نحو مفهوم ” المزيد هو الأفضل “.
بل و يتم الترويج للسكن الفخم كمكافأة للعمل الشاق والاجتهاد، وتحول الإسكان من ضرورة أساسية إلى هدف أو منتج طموح.

ثم يطرح الكاتب تساؤلاً ماهي العواقب الأخلاقية عند تحول المسكن من ضرورة أساسية إلى هدف طموح وصعب، وهل سيخلق لنا المسكن من نوع “أكثر هو أفضل” حينها معضلة أخلاقية ؟

هناك جنون نحو الأكثر في السكن:
كان متوسط ​​منزل الأسرة الواحدة الذي بني في الولايات المتحدة بالستينيات وما قبلها  أقل من 1500 قدم2، بحلول عام 2016، كان الحجم الوسطي لمنزل جديد للعائلة الواحدة في الولايات المتحدة 2422 قدمًا مربعًا ، أي ضعف الحجم تقريبًا.

كانت منازل الأسرة الواحدة التي بنيت في الثمانينيات تحتوي في المتوسط ستة غرف، و بحلول عام 2000، كان متوسط ​​عدد الغرف سبعة، اليوم تقوم الشركات العقارية بالترويج للمساحات الكبيرة، ومساحات للترفيه، والمسبح الخاص، والمسرح المنزلي.

كل بيت كالقلعه ؟
أصبح تعريف العيش بشكل أفضل لا يقتصر على توفير مساحة أكبر فحسب، بل أيضًا على أنه يحتوي على المزيد من المنتجات الأحدث.

في الآونة الأخيرة، يقدم المعلنون المنزل نفسه كمنتج سيحسن الوضع الاجتماعي للعائلة مع توفير مساحة واسعة للأنشطة العائلية والعمل المشترك بين الوالدين، مع الحفاظ على سهولة الحفاظ عليه، كان المعنى الضمني هو أنه حتى لو كانت منازلنا أكبر، فلن نحتاج إلى بذل المزيد من الجهد في إدارتها.

لم تذكر الإعلانات أبدًا أن المزيد من الحمامات يعني أيضًا المزيد من المراحيض للتنظيف والصيانه، أو أن وجود ساحة كبيرة مع مسبح للأطفال وأصدقائهم يعني ساعات صيانة أكثر وتكلفة مالية أكبر.

هناك عواقب للعيش بشكل كبير:
أولاً: تستغرق المنازل الكبيرة بعض الوقت للحفاظ عليها، ومطلوب لها جيش من عمال النظافة وغيرهم من عمال الخدمة، للحفاظ على المنازل الراقية في نظام، حتى أصبحت الأسر المتوسطه بحاجه لخدم يتم نشرهم من قبل شركات لا تقدم سوى القليل من الأجور أو المزايا.

ثانياً: المساحات العامة مثل حمامات السباحة البلدية أو المراكز الترفيهية، التي كان الناس من خلفيات متنوعة قد اعتادوا أن يجتمعوا فيها، قد تم خصخصتها بشكل متزايد، مما يجعلها حصراً لمجموعات محدودة بعناية. حتى المساحات التي تبدو عامة غالبًا ما تكون حصرية لاستخدام عدد محدود من السكان.

ونتيجة لذلك أصبح هناك زيادة في المرافق الخاصة للأثرياء وفي نفس الوقت انخفاض في المرافق العامة المتاحة للجميع، مما أدى إلى انخفاض نوعية الحياة للكثيرين.

كمثال في عام 1950، كانت تمتلك 2500 عائلة أمريكية فقط حمامات سباحة خاصة، وبحلول عام 1999 ارتفع هذا العدد إلى 4 ملايين. في الوقت نفسه، لم يعد يتم صيانة حمامات السباحة البلدية العامة في كثير من الأحيان وتم إغلاق العديد منها، مما ترك الأشخاص ذوي الدخل المنخفض بدون أي مكان للسباحه.

مثال آخر، 65 % من المجتمعات المحلية التي تأسست بالستينيات كان لديها وسائل نقل عام، وفي 2005، مع زيادة العائلات المستخدمه للسيارات، أصبحت النسبة 32.5 % فقط.

قلل النقل العام من فرص أولئك الذين لا يقودون سيارات، مثل الشباب أو كبار السن أو الأشخاص الذين لا يستطيعون شراء سيارة.

وبالتالي ، فإن “العيش بشكل أفضل” من خلال شراء مساكن أكبر مع وسائل راحة فخمة يطرح عدة أسئلة أخلاقية:

– ما مدى استعدادنا لقبول نظام لا يمكن فيه تحقيق أنماط الحياة الفخمة نسبيًا للطبقة الوسطى إلا من خلال العمل بأجر منخفض من قبل الآخرين  (يقصد عمال الصيانه)؟

– وما مدى استعدادنا لقبول نظام تؤدي فيه زيادة في التسهيلات التي يشتريها الأثرياء إلى انخفاض في تلك التسهيلات للضعيفين مالياً؟

يعتقد الكتاب أنه لا ينبغي السماح للحلم الأمريكي بالانتقال إلى لعبة محصلتها صفر، حيث تأتي مكاسب شخص ما في مقابل خسارة الآخرين. يمكن أن يكمن الحل في إعادة تعريف بدلاً من  ” أكبر هو أفضل” إلى “العيش بشكل أفضل”

Twitter
LinkedIn
WhatsApp
Print
عبدالله سعيد
عبدالله سعيد

عبدالله سعيد . بكالوريوس هندسة بناء جامعة الإمام عبدالرحمن بن فيصل . ماجستير هندسة معمارية من جامعة الملك فهد . كاتب ومترجم مقالات في العمارة والبناء

جميع مقالات الكاتب

المصدر:

Is bigger really better

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x

أشترك معنا بالنشرة البريدية !!

نقوم بجمع أحدث الأخبار والمقالات المنشورة كل أسبوع ،  ونرسلها لك نهاية الأسبوع بعد صلاة الجمعة لتطلع على كل ماهو جديد