مما لا شك فيه ان جائحة كرونا ستغير العديد من المفاهيم والسلوكيات المعيشية التي قد اعتاد عليها سكان المدن من خلال اعادة التفكير في استغلال الفراغات داخل المنازل بما يحقق الكفاءة والفاعلية القصوى لتكون أماكن ذات أنشطة متعددة.
اما فيما يخص فضاءات المدن وهي تمثل النسبة العالية من الحيز الذي ينشط فيه انتقال العدوى واغلب الاجراءات والاحترازات قامت على مبدأ التباعد الاجتماعي خلال تلك الفضاءات حيث سجلت المدن والمناطق ذات الكثافة العالية بؤر انتشار عالية مثل وسائل النقل العام ودور العبادة على عكس نقيضاتها من المدن والمناطق ذات الكثافة المنخفضة.
لطالما كانت المدن وفضاءاتها ميدان لتنفيذ الأجندة الحضـرية التي تساهم في رقي وتطور المجتمعات ورفع جودة الحياة ولكن يجب ان يعي مسيري المدن ان تبني اي تشـريع عمراني قد يكون له مساوئ كما له محاسن فالنظرة الشمولية للمكون العمراني مهم في سن الأنظمة والتشريعات.
جاءت جائحة كورونا لتأصل مبدأ الحي السكني المتكامل الذي يوفر للفرد كافة احتياجاته اليومية الغذائية في نطاق خدمة معينه ويعزز من فرص نجاح مبدأ الحي السكني ذو الاستخدام المتناغم، والجدير بالذكر ان مثل هذه الأنماط يسهل على اجهزة الدولة عملية تطبيق العزل دون وجود ادنى ضرر يقع على ساكني هذا الحي .
كما انه لا نُغفل الخطر الجسيم الذي يترتب من نشوء احياء ومناطق عشوائية دون وجود أنظمة وتشـريعات عمرانية تضبطها مما يجعل التحكم بها وإدارتها اشبه بالمستحيل وبالتالي تكون بؤر لانتشار الأمراض والأوبئة مما يصعب على اجهزة الدولة تقيمها صحيا بشكل صحيح ومعرفة مدى ضررها وبالتالي يصعب التعامل معها.
من غير الممكن ان نختزل تصميم وتخطيط المدن في ظواهر تحدث بشكل غير متوقع ككورونا على سبيل المثال ولكن الواجب على كل مدينة توفير بدائل وخيارات معيشية متعددة بكفاءة وفعالية جيدة لتلبي احتياجات كافة اطياف المجتمع تحت اي ظروف طارئه .
بكري الراجحي
بكالوريوس في التخطيط الحضري والإقليمي ، أمانة منطقة عسير
هذا المقال يأتيكم من
مخططون عمرانيون ..
فريق من المخططين العمرانيين انطلقوا في سنة 2020 , فريق توعوي يفتح آفاقاً من المعرفة والتجربة محورها التخطيط العمراني وفضاءات المدن ومراكز العمران
